الصفحة الرئيسية

 
ابحث عن 
  بيان سياسي صادر عن اللجنة المركزية لحركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح حول الأحداث في قطاع غزة

-الأحداث المؤسفة التي وقعت في قطاع غزة تؤسس لفتنة داخلية تخطط لها أصابع محلية وإقليمية وأجنبية.

- الإصلاحات المطلوبة أمريكياً وإسرائيلياً تهدف إلى تكييف الواقع الفلسطيني ليستجيب للمشاريع والحلول التصفوية.

-الإصلاح الوطني المطلوب والمنشود يتأسس على التخلص نهائياً من أوهام التسويات وإعادة بلورة المشروع الوطني الفلسطيني.

-أحداث غزة ليست مفصولة عن مخططات التصفية السياسية وخاصة خطة شارون التي تشترط لتطبيقها إيجاد بنية سمتها تصفية المقاومة فعلاً ورموزاً وإرادة ونهجاً.

-بغية الخروج من الأزمات المتفاقمة يجب أن نتوجه إلى الجذر السياسي لهذه الأزمات وإعادة الاعتبار لمرحلة التحرر الوطني وبرنامج التحرير والعودة.

-نتوجه إلى كل أبناء حركة فتح وأجنحتها العسكرية المقاتلة داخل الوطن المحتل إلى التنبه والحذر مما يجري والإدراك بعمق ووعي أن خلفية هذه الأحداث وما تسعى لتحقيقه وآفاق ما يجري تخطيطه من مؤامرات تطال الوضع الفلسطيني برمته ومستقبل ومصير حركة فتح والحركة الوطنية الفلسطينية والشعب الفلسطيني.

في الوقت الذي يستبيح فيه العدو الصهيوني المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة ويمعن قتلاً واغتيالاً وتدميراً في ظل صمت عربي ودولي مطبق، بل وبتشجيع من الولايات المتحدة التي تضع هذه الجرائم والمجازر في نطاق مقاومة (الإرهاب) و(حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها) متجاهلة حرب الإبادة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني داخل الوطن المحتل.

وفي الوقت الذي تتواصل فيه الضغوطات الهادفة إلى فرض الإملاءات والشروط على الطرف الفلسطيني تحت عنوان القيام بما يسمى (إصلاحات) في بنى وأجهزة ومؤسسات سلطة الحكم الذاتي بهدف تكييف الواقع الفلسطيني ليستجيب للمشاريع والحلول التصفوية.

في هذا الوقت بالذات، وفي ظل هذه الظروف وبعد أيام قليلة من تقرير ممثل الأمين العام للأمم المتحدة تيري رود لارسن والذي أشار فيه إلى فقدان النظام في المناطق الفلسطينية، محملاً السيد ياسر عرفات المحاصر في مقره المسؤولية عن ذلك، متجاهلاً دور الاحتلال الصهيوني واعتداءاته على المدن والقرى الفلسطينية.

في هذا الوقت لاحت بوادر مؤامرة خطيرة تحركها أصابع إقليمية وأجنبية تقف وراء حالة الفلتان والفوضى السائدة في قطاع غزة تؤسس لفتنة داخلية تسعى لإحداث حالة من الانقسام الداخلي لضرب اللحمة الشعبية الميدانية التي تجلت إبان انتفاضة الأقصى وتعمم أجواء فقدان الثقة ومشاعر الإحباط، تنخرط فيها جهات فلسطينية معروفة بمواقفها المعادية للانتفاضة والمقاومة ومتساوقة مع البرنامج الأمريكي-الصهيوني.

إن حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" التي تدارست أبعاد ما يجري وانعكاساته على قضية فلسطين ومقاومة الاحتلال تؤكد على مايلي:

أولاً: إن ما يحدث ليس مفصولاً عن مخططات التصفية السياسية وخاصة خطة شارون حول (الانسحاب من غزة) التي تشترط لتطبيقها إيجاد بيئة سماتها تصفية المقاومة فعلاً ورموزاً وإرادة ونهجاً وبالتالي ضرب كل ممانعة للمشروع الصهيوني، وفي هذا السياق فإن الكيان الصهيوني يرى أن معركة غزة هي المعركة الأخيرة لتصفية المقاومة والمقاومين انطلاقاً من تشجيعه لأطراف مرتبطة به داخل ساحتنا لتصفية الحسابات وإشعال نار الفتنة والاحتراب الداخلي- وهو ما فشل العدو به سابقاً- تحت شعارات (الإصلاح) والخلاص من فردية ياسر عرفات وتحكمه بالأوراق في الساحة الفلسطينية وعليه فإن هذه الأطراف المحلية تخوض معركة غزة بالوكالة وتنفذ بوعي وتخطيط تعليمات وإملاءات العدو الأمريكي-الصهيوني وليست بعيدة عن ذلك أنظمة عربية متورطة في إخضاع الوضع الفلسطيني توطئة لتنفيذ خطة شارون.

ثانياً: إن ما يجري في غزة لا يخدم قضية فلسطين والمصلحة الوطنية وإن الوقوف موقف المتفرج إزاءه هو سلوك لا يصب في مصلحة شعبنا ومقاومته لذا فإن قوى شعبنا المقاومة معنية بالعمل على الحيلولة دون تفاقم الأوضاع ودون حدوث الاحتراب الداخلي وتفشي المظاهر المسيئة لنضالنا وكفاحنا من أجل التحرير والعودة لذلك فهي مطالبة بالعمل السريع لبلورة المشروع الوطني الفلسطيني، ووضع برنامج وطني كفاحي يشارك فيه الجميع يقوم على تحقيق هدف دحر الاحتلال من الأرض المحتلة وعودة اللاجئين إلى ديارهم دون قيد أو شرط، وبناء عليه ينتظم الجميع في إطار قيادة وطنية مناضلة بما يكفل لشعبنا مواصلة مقاومة الاحتلال حتى تحقيق أهدافه الوطنية.

ثالثاً: إن بوابة الخروج من الأزمات المتفاقمة لا يمكن أن تتمثل في الحلول الجزئية والقرارات الارتجالية والعفوية بل يجب أن تتوجه هذه المعالجات إلى الجذر السياسي لهذه الأزمات والمتمثل في مغادرة البعض لمرحلة التحرر الوطني واعتبار أن المرحلة التي نعيشها هي مرحلة (الدولة)، وهو وهم حاول البعض تعميمه في ساحتنا الفلسطينية وهو الباطل بعينه، لذا فإن المطلوب في مواجهة هذه الأزمات هو إسقاط وهم التسوية مع العدو الغاصب نهائياً من عقول الواهمين بأنها تجلب دولة مستقلة وتعيد حقوقاً وتؤدي إلى سيادة أو عودة للاجئين إلى ديارهم، فالتجربة أكدت بالملموس وللجميع في ساحتنا الفلسطينية أن العدو الصهيوني لا يريد سلاماً بل ويرفض كل الحلول حتى تلك التي تفرط بحقوقنا الوطنية والمبنية على القرارات الدولية، فالعدو يريد الاستسلام المطلق والخضوع غير المشروط لمشيئته وإرادته بما يعنيه ذلك من سحق لخيار المقاومة، وبالتالي تصفية للقضية وهذا يرتب على الواهمين إعلان سقوط وهم التسوية والانحياز إلى خيار الشعب خيار المقاومة وهو ما يتوجب على الأخ ياسر عرفات أن يقوله بكل وضوح في هذه المرحلة الخطيرة، فآن الآوان للعودة إلى واقع أننا نعيش مرحلة التحرر الوطني بقوانينها وآلياتها وما الفساد المتفشي في أجهزة السلطة الفلسطينية إلا التجلي الأبرز لسيادة أوهام الدولة الموعودة وانتهاء مرحلة التحرر الوطني.

رابعاً: يعد الإصلاح في الوضع الفلسطيني برمته مطلباً وطنياً ملحاً وهو مطلب حق تتوق له جماهير الشعب الفلسطيني وتنادي به مختلف القوى الفلسطينية والفعاليات والشخصيات الوطنية وكل مؤسسات ومراكز وهيئات ولجان العمل الوطني الفلسطيني في مختلف أماكن تواجدها، وينبغي التمييز هنا بين من هم صادقين فعلاً وقولاً بالمناداة بإلاصلاح والتغيير، وبين من يستجيب لإملاءات وبرامج القوى المعادية ويتستر وراء شعارات الإصلاح ومقاومة الفساد، وبين الذين يطرحون هذه الشعارات لتحقيق مكاسب ومصالح ذاتية ضيقة، ومن هنا فإن ما يتوجب الوقوف عنده هو أن الإصلاح المنشود يتجاوز اختصاره بصلاحيات حكومة أو تحديد مرجعية واحدة للأجهزة الأمنية أو تحديد موازنات مالية تخضع للرقابة والمساءلة، إنه المشروع الوطني الكامل بأبعاده السياسية والتنظيمية والاقتصادية والكفاحية ويقتضي هذا إجراء مراجعة وتقييم شاملين لكل السياسات التي جرى انتهاجها في العقدين الأخيرين وما حل بقضية فلسطين من مصائب وويلات وكوارث، الأمر الذي يقتضي وقوف جميع الوطنيين بمسؤولية أمام ما يجري لتكون فلسطين وقضية تحريرها هي مقياس تجاوز الأزمات وليس المقاييس المتخلفة التي عانى منها شعبنا الأمرين خلال مسيرة ثورتنا المعاصرة.

خامساً: إن إخضاع المقصرين والفاسدين والمفسدين للمحاسبة، وإنهاء كل مظاهر الاستزلام والشللية والمحسوبية، والاعتماد على المناضلين الصادقين، والتخلص من العملاء الذين عاثوا فساداً في مجتمعنا الفلسطيني وقدموا خدمات كبيرة للعدو الصهيوني، وإبعاد من يحميهم عن مواقع القرار مطلباً وطنياً وضرورة وطنية لا يجوز تجاهلها أو تأجيلها.

سادساً: تتوجه الحركة إلى كل أبناء حركة فتح وأجنحتها العسكرية المقاتلة داخل الوطن المحتل إلى التنبه والحذر مما يجري والإدراك بعمق ووعي أن خلفية هذه الأحداث وما تسعى لتحقيقه وآفاق ما يجري تخطيطه من مؤامرات تطال الوضع الفلسطيني برمته ومستقبل ومصير حركة فتح والحركة الوطنية الفلسطينية والشعب الفلسطيني.

ونتوجه إليهم في هذا اليوم لنقول معاً لإعادة الاعتبار إلى مبادئ فتح وأهدافها ومنطلقاتها وتراثها النضالي نهتدي بها جميعاً لمواصلة درب الانتفاضة والمقاومة، ونتصدى لكل من يريد العبث بالشعب الفلسطيني وحقوقه وحركته الوطنية.

إن حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" إذ تدعو جميع القوى الوطنية إلى الارتقاء إلى مستوى المسؤولية لتجنيب ساحتنا الوقوع في الفخ الأمريكي- الصهيوني.. فخ تصفية القضية عبر بوابة الفوضى والاحتراب الذي يشجعه أيضاً مباركي خطة شارون فإنها تؤكد إن حسابات البعض بأن السيطرة على غزة هو الطريق للإجهاز على المقاومة وتصفيتها هو مجرد أضغاث أحلام وحرث في البحر لأن شعبنا الفلسطيني في الداخل والخارج سيقف بالمرصاد لكل محاولات إجهاض المقاومة، وهو يعي أن الصراع مع هذا العدو صراع تناحري .. صراع وجود لا يطال فلسطين فقط بل أيضاً الأمة وجوداً ومستقبلاً، وعليه فإن شعبنا وقوى أمتنا المقاومة والصامدة ستؤكد خطل حسابات الخط الأمريكي-الصهيوني في ساحتنا وصوابية خيارات المناضلين والمقاومين.

عهداً لشعبنا وشهدائه ومعتقليه وجرحاه على مواصلة مسيرة الثورة حتى النصر

النصر للمقاومة

وثـورة حتـى النصـر

اللجنة المركزية لحركة التحرير الوطني الفلسطيني

"فتح-الانتفاضة"

فلسطين المحتلة

20/7/2004

 

 


بيروت - 7/30/2004




بحث متقــدم